الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك ***
قال: اسم بمعنى "مِنْ" مبين نكرة............................ "اسم" جنس، و"بمعنى من" يخرج ما سوى التمييز، والمشبه بالمفعول نحو: "الحسن الوجه", واسم "لا" التبرئة نحو: "لا رجل", ونحو: "ذنبا"، من: أستغفر الله ذنبا................................. فكل ذلك "مشارك" التمييز في أنه على معنى "من". "ومبين" يخرج اسم "لا" والمنصوب "باستغفرت"، و"نكرة" يخرج المشبه. وذهب الكوفيون وابن الطراوة إلى جواز تعريف التمييز, وما أوهم ذلك مؤول عند البصريين. ثم ذكر حكمه فقال: ............... يُنصَب تمييزا بما قد فسره وفهم من قوله: "بما قد فسره" أن عامل التمييز هو المميز, وهو ما قبله من المبهمات المفتقرة إليه، وأقول: التمييز نوعان: الأول: تمييز مفرد، وهو: ما رفع إبهام اسم قبله مجمل الحقيقة, نحو: "رطل "سمنا" و"عشرين درهما"". ولا خلاف أن العامل في هذا النوع "هو" مميزه كما ذكر. والثاني: تمييز الجملة، وهو ما رفع إبهام نسبة في جملة أو "شبهها". وعامل هذا النوع عند سيبويه والمازني والمبرد ومن وافقهم هو الفعل، وما جرى مجراه من مصدر ووصف واسم فعل، نحو: "طاب زيدٌ نفسًا" و"عجبتُ من طيب زيد نفسًا" و"زيد طيبٌ نفسًا" و"سرعان ذا إهالةً". وذهب قوم إلى أن العامل فيه هو الجملة التي انتصب عن تمامها, لا الفعل وما جرى مجراه، واختاره ابن عصفور، ونسبه إلى المحققين. فإن قلت: ظاهر قوله: "بما فسره" يقتضي موافقة من جعل العامل في هذا النوع هو الجملة؛ لأن التمييز لم يفسر "الفعل" ولا جرى مجراه. قلت: لا يصح حمل كلامه على ذلك؛ لنصه في غير هذا الموضع على أن عامله الفعل، وقد صرح بذلك آخر الباب. فإن قلت: فكيف يندرج الفعل في قوله: "بما فَسَّره"؟ قلت: لما كان التمييز قد رفع إبهام نسبة إلى فاعله أو مفعوله, فكأنه رفع الإبهام عنه, "فاندرج" بهذا الاعتبار. ثم "مَثَّل" تمييز المفرد فقال: كشبرٍ أرضًا وقفيز بُرًّا... ومَنَوَيْنِ عسلًا وتمرا المفرد الذي يفسره التمييز، إما مقدار وهو المسموع, نحو: "شبرٌ أرضًا", والمكيل نحو: "قفيزٌ بُرًّا". والموزون نحو: "منوين عسلًا". والموزون نحو: "خمسة عشر رطلا" وجعله بعضهم من المقادير. أو مفهم "غيرية" نحو: لنا غيرُها إبلًا. أو مثلية نحو: لنا أمثالها شاء. أو تعجب نحو: "الله دره فارسًا". وإنما اقتصر في "هذا" البيت على التمثيل بالمقدار؛ لكثرة انتصاب التمييز عنه. ثم قال: وبعد ذي وشبهها اجرُرْه إذا... أضفتها كمد حنطة غِذَا "الإشارة بذي إلى المثل السابقة ونحوها؛ كل ما دل على مساحة أو كيل أو وزن، فيجوز في ذلك "جره" بإضافة المميز إليه، فتقول: "شبر أرض وقفيز بر ومنوا عسل", وقد مثل بقوله: كمد حنطة غذا". ثم قال: والنصب بعد ما أُضيف وجبا... إن كان مثل "ملء" الأرض ذهبا يعني: أن جواز جر التمييز بالإضافة مشروط بخلو التمييز من إضافته إلى غير التمييز. فإن أضيف إلى غيره وجب النصب نحو: {مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا}. فإن قلت: ما فائدة الشروط في قوله: "إن كان"؟ قلت: التنبيه على أن تمييز المضاف له حالتان: إحداهما: ألا يصح إغناؤه عن المضاف إليه، فهذا يجب نصبه كالمثال المذكور، إذ لو قيل فيه: "ملء ذهب" لم يستقم المعنى. والأخرى: ألا يصح إغناؤه عنه, فيجوز جره بالإضافة؛ لأن حذف "المضاف إليه" غير ممتنع نحو: "زيد أشجعُ الناسِ رجلًا" فلك في هذا أن تقول: "هو أشجعُ رجلٍ". فإن قلت: كيف جعل النصب بعد المضاف المذكور واجبا, وقد ذكر "بعده جواز جره "بمن"؟ قلت: يعني "بشرط" خلوه من "مِنْ" وذلك مفهوم من قوله: "إن كان مثل ملء الأرض ذهبًا" أي: "إن" كان كالمثال المذكور في امتناع إغنائه عن المضاف إليه وفي تجرده من "مِنْ". فإن قلت: لم يذكر هنا حكم تمييز العدد. قلت: لأن له بابا يذكر فيه. ثم انتقل إلى بيان موضعين من تمييز الجملة فقال: والفاعل المعنى انصبن بأفعلا... مُفضِّلا كأنت أعلى منزلا النكرة الواقعة بعد أفعل التفضيل نوعان: أحدهما: فاعل في المعنى وهو السببي, وعلامته أن يصلح للفاعلية عند جعل أفعل "التفضيل" فعلا، نحو: "أنت أعلى منزلًا", فإنه يصلح لذلك فتقول: "علا منزلك" فهذا النوع ينصب على التمييز. والآخر: أن يكون فاعلا في المعنى، وهو ما أفعل التفضيل بعضه، وعلامته أن "يحسن" وضع بعض موضع "أفعل" ويضاف إلى جمع قائم مقام النكرة نحو: "أنت أفضلُ فقيهٍ", فإنه يحسن فيه ذلك فتقول: "أنت بعضُ الفقهاء". فهذا النوع يجب جره بالإضافة، إلا أن يكون أفعل التفضيل مضافا إلى غيره، فينصب نحو: "أنت أكرمُ الناس رجلًا". ثم قال: وبعد كل ما اقتضى تعجبا... ميز "كأكرِمْ بأبي بكر أبا يعني: أنه يجوز انتصاب التمييز بعد كل ما دل على تعجب نحو: "أكرم بأبي بكر أبا", "وما أكرمه أبا"، وغير ذلك من الصيغ الدالة على التعجب نحو: "لله دره فارسا". قال في شرح الكافية: والمراد بأبي بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي عن أبي بكر صاحبه. ولما كان كل منصوب على التمييز فيه معنى "من" وبعضه يصلح لمباشرتها وبعضه لا يصلح, بين ذلك بقوله: واجرُرْ بمِنْ إن شئت غير ذي العدد... والفاعل المعنى كطب نفسًا تفد أي: يجوز في كل تمييز أن يجر "بمن" إلا تمييز العدد، وما كان فاعلا في المعنى، فإنهما لا يجران "بمن" فلا يجوز "عندي عشرون من درهم"، ولا "طاب زيد من نفس", ويجوز فيما سواهما نحو: "عندي قفيز من بُرٍّ". فإن قلت: هذا الضابط غير مستقيم من أوجه: الأول: أن تمييز العدد لا يمتنع جره "بمن" مطلقا, "لكن" يشترط أن يجمع نحو: "عندي عشرون من الدراهم". الثاني: أنه أطلق فيما هو فاعل في المعنى, وهو مقيد. قال الشارح: لا يجوز جره "بمن" إلا في تعجب أو شبهه. قولهم: "لله دره من فارس". وقال الشاعر: ...................... فنِعْمَ المرءُ من رجل تَهَامي الثالث: أن إجازته جر غير هذين النوعين "بمن" ليس على إطلاقه, بل يستثنى من ذلك ما كان "منقولا" من الفعل نحو: {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} , "فلا يجوز جره بمن". قلت: أما الأول فلا يرد؛ لأن تمييز العدد متى جمع لم يبق تمييزا اصطلاحيا، فإن شرطه الإفراد. وأما الثاني فهو على إطلاقه، ولا نسلم صحة استثناء الشارح؛ لأن التمييز في نحو: "لله دره فارسًا" و"نعم المرء من رجل تهامي" تمييز مفرد لا تمييز جملة, "والمنقول عن الفاعل لا يكون إلا تمييز جملة". ويلزم الشارح جواز الجر بمن في نحو: "زيد أحسن "به" وجهًا"؛ لأنه في تعجب, وقد نص غير المصنف على منعه. وأما الثالث فالظاهر وروده، ولا يقال: لعل المصنف ممن لا يثبت المنقول "عن" المفعول كالشلوبين، فإن المصنف أثبته في شرح التسهيل. فإن قلت: ما معنى "من" الداخلة على التمييز؟ قلت: هي للتبعيض. وقال الشلوبين: يجوز أن تكون بعد المقادير وما أشبهها زائدة عند سيبويه، كما زيدت: "ما جاءني من رجل"، قال: "إلا أن المشهور من مذهب النحويين -ما عدا الأخفش- أنها لا تزاد إلا في غير الواجب". قال في الارتشاف: ويدل على صحة ذلك -يعني الزيادة- أنه عطف على موضعها نصبا, قال الحطيئة: طافت أمامة بالرُّكبان آونة... يا حسنه مِن قَوَامٍ ومنتقبا قال: وعامل التمييز قدم مطلقا... والفعل ذو التصريف نَزْرا سُبِقا عامل التمييز إن لم يكن فعلا متصرفا, لم يجز التمييز عليه, قال المصنف بإجماع. وأما قوله: ونارنا لم يُرَ نارًا مثلُها......................... فضرورة، وتأوله بعضهم على أن الرؤية علمية، ونارا مفعول ثانٍ. وإن كان فعلا متصرفا, فذهب سيبويه والفراء وأكثر البصريين والكوفيين إلى منع تقديمه عليه, وذكروا لمنع تقديمه عللا. وذهب الكسائي والجرمي والمبرد إلى جواز "ذلك", ووافقهم المصنف لورود السماع به كقوله: أنفسًا تطيب بنيل المنى... وداعي المنون ينادي جهارا؟ وأبيات أخر. فإن قلت: ظاهر قوله: "نزرا سبقا" أنه قليل, فلا يقاس عليه. قلت: "لا يلزم من قلته ألا يقاس عليه", بل هو عنده مَقِيس وفاقا لمن ذكروا. ورُدَّ عليه "أن" ما ذكره من أن التمييز قد يسبق الفعل المتصرف، ليس على إطلاقه؛ إذ لنا فعل متصرف ولا يسبقه التمييز بإجماع، وهو "كفى" في نحو: "كفى "بزيد" ناصرًا" "فلا يجوز تقديم "ناصرا" على "كفى" وإن كان فعلا متصرفا؛ لأنه بمعنى فعل غير متصرف، وهو فعل التعجب، فمعنى قولك: "كفى بزيد ناصرًا" ما أنصره رجلًا", وهو عند المصنف منتصب عن تمام الجملة. قال: هاك حروف الجر وهي من إلى... حتى خلا حاشا عدا في عن على مذ منذ رب اللام كي واو وتا... والكاف والبا ولعل ومتى هذه عشرون حرفا مشتركة في جر الاسم ولكل منها تفصيل يأتي، إلا "خلا، وحاشا، وعدا" فإن حكمها تقدم في الاستثناء. وإلا "كي، ولعل، ومتى"؛ لغرابة الجر بهن. أما "كي" فتجر ثلاثة أشياء: الأول: "ما" الاستفهامية "كقولهم" في السؤال عن "علة" الشيء: كَيْمَهْ؟ بمعنى: لِمَهْ؟ الثاني: "أن" المصدرية مع صلتها في نحو: "جئت كي تفعل" في أحد الوجهين. الثالث: "ما" المصدرية مع صلتها في قوله: ................... يراد الفتى كَيْمَا يضر وينفع وهو نادر. وأما "لعل" فتجر في لغة عقيل ثابتة "الأول ومحذوفته" ومفتوحة الآخر "و" مكسورته, خلافا لمن أنكر الجر بها. وأما "متى" "فتجر" في لغة هذيل بمعنى من, ومن كلامهم: "أخرجها متى كُمِّه" أي: من كمه. تنبيه: عد بعضهم من حروف الجر "ها" التنبيه، وهمزة الاستفهام, وهمزة القطع إذا جعلت عوضا من حروف الجر في القسم. قال في التسهيل: وليس في الجر في التعويض بالعوض، خلافا للأخفش ومن وافقه ا. هـ. وذهب الزجاج والرماني إلى أن ايمُن في القسم حرف جر وشذَّا في ذلك. "وعد" بعضهم منها الميم "مثلثة" في القسم نحو: مَُِ الله، وجعلها في التسهيل بقية "أامُن". قال: وليست بدلا من الواو، ولا أصلها "من" خلافا لمن زعم ذلك. "وذكر" الفراء أن "لات" "قد" تجر الزمان، وقرئ: "ولات حِينِ مناص" بالجر. وزعم الأخفش أن "بَلْهَ" حرف جر بمعنى "مِنْ", والصحيح أنها اسم. وذهب سيبويه إلى أن "لولا" حرف جر إذا وليها ضمير متصل نحو: لولاك ولولاي "ولولاه". ومذهب الأخفش والكوفيين، أن الضمير بعدها مرفوع الموضع, استعير ضمير الجر للرفع. ثم قال: بالظاهر اخصُصْ منذُ مذُ وحتى... والكاف والواو ورُبَّ والتا حروف الجر نوعان: نوع يجر الظاهر فقط، ونوع يجر الظاهر والمضمر. فالأول: هو الأحرف المذكورة في هذا البيت، ولعل وكي ومتى. والثاني: ما عداها. وقوله: واخصص بمذ ومنذ وَقْتًا, "يعني: أن مذ ومنذ لا يجران إلا الزمان, وسيأتي الكلام عليهما". وقوله: وبرُبَّ مُنَكَّرا. يعني أن "رب" لا تجر إلا نكرة, وسيأتي دخولها على الضمير. وأجاز بعضهم أن تجر المعرف بأل، وأنشد: ربما الجامل المؤبل............................ بخفض الجامل وصفته فإن صحت الرواية, حمل على زيادة "أل". وشذ "رب أبيه" و"رب أخيه" و"رب أمه". واختلف في معنى "رب", فقيل: للتقليل، وقيل: للتكثير، ونسب كل منهما إلى سيبويه. وقيل: تكون "لهما", وقيل: حرف إثبات لم يوضع لتقليل ولا لتكثير, وفي التسهيل: وللتقليل بها نادر. هـ. وقوله: "والتاء لله ورب". يعني: أن التاء مختصة باسم الله, نحو: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ}. وحكى الأخفش دخولها على الرب, قالوا: "تربِّ الكعبة", وقالوا أيضا: "تالرحمن" و"تحياتك" وهو شاذ. وقالوا: إنها بدل من واو القسم. وقوله: وما رَوَوْا من نحو رُبَّهُ فتى... نزر................... أشار "به" إلى أنه قد ورد دخول رب على المضمر, وأنه قليل. ومنه قول الشاعر: ................. ورُبَّهُ عطبا أنقذت من عَطَبه وروي: "وربه عطبٍ" بالجر على نية من, وهو شاذ. فإن قلت: إنما أورد النحويون ذلك على أنه "فصيح" مقيس "عليه", فكيف قال: "نزر"؟ قلت: لعله أراد أنه قليل بالنسبة إلى الظاهر، ويؤيده قوله في الكافية: وربَّهُ عطبا استُندر وقِس... عليه إن شئت وحُد عن مُلْبِس فقال: وقس عليه. تنبيهان: الأول: مذهب البصريين أن الضمير المجرور برب يلزم إفراده وتذكيره استغناء بمطابقة التمييز "للمراد"، وحكى الكوفيون مطابقته أيضا. الثاني: اختلف في الضمير المجرور برب، فقيل: معرفة، وإليه ذهب الفارسي وكثير. وقيل: نكرة، واختاره الزمخشري وابن عصفور. وقوله: كذا كَهَا. أشار به إلى أن الكاف قد تجر ضمير الغائب قليلا, كقول الراجز: .................... وأم أوعال كَهَا أو أقربا "وإليه" أشار بقوله: "كها" "وهذا من الضرائر". وقد شذّ دخول الكاف على ضميري المتكلم، والمخاطب في قول الحسن: "أنا كَكَ وأنتَ كِي". وقول الشاعر: وإذا الحرب شمَّرت لم تكن كِي... والكاف في:"كِي" مكسورة وقد دخلت أيضا على ضميري الرفع والنصب "المنفصلين" كقولهم: "ما أنا كأنت "ولا" أنت كأنا". "والنصب كقوله: ............... ولم يأسر كإيَّاك آسِر، وجعله في التسهيل أقل من دخولها على ضمير الغائب المتصل. قيل: وفيه نظر. بل إن لم يكن أكثر فهو "مساوٍ". فإن قلت: إِلَامَ أشار بقوله: "ونحوه أتى"؟ قلت: يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون أشار إلى ما ورد من دخول الكاف على الضمير في غير البيت المشار إليه, كقول الشنفرى: لئن كان من جن لأبرح طارقا... وإن يك إنسا ما كها الإنس تفعل ولا حجة في قوله: ............ كَهُ ولا كَهُنَّ إلا حاظلا على الاتصال؛ "لاحتمال" أن يكون أصله كهو. والثاني: أن يكون أشار إلى أنه قد "ندر" دخول بعض الأحرف المخصوصة بالظاهر "غير الكاف" على الضمير, كما "ندر" دخول الكاف عليه كقول الشاعر: فلا والله لا يُلقَى أناس... فتى حَتَّاك يابن أبي يزيد وهو عند البصريين ضرورة. ثم قال: بَعِّض وبَيِّن وابتدِي في الأمكنة... بمن......... شرع في بيان معاني "بعض" هذه الحروف, فبدأ بمن وذكر لها في هذا البيت ثلاثة معانٍ: الأول: التبعيض نحو: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ} وعلامتها جواز الاستغناء عنها ببعض. الثاني: بيان الجنس، نحو: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} , وعلامتها صحة وضع الذي موضعها. الثالث: ابتداء الغاية في المكان باتفاق، نحو: {مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} , "ولا" تكون لابتداء الغاية في الزمان عند البصريين, وذهب الكوفيون والمبرد وابن درستويه إلى أنها تكون لابتداء الغاية في الزمان, وهو الصحيح لكثرته نظما ونثرا. وتأويل "ما كثر" ليس بجيد، وإليه ذهب المصنف. وإلى هذا قال: وقد تأتي لبدء الأزمنة. تنبيه: لم يختلفوا في أن من تكون لابتداء الغاية، واختلفوا في التبعيض "والتبيين". أما التبعيض, فذهب إليه الجمهور وصححه ابن عصفور، ونفاه المبرد والأخفش الأصغر وابن السراج، وطائفة من الحذاق والسهيلي، وقالوا: إنما هي لابتداء الغاية وإن "سائر" المعاني التي "ذكروها" راجع إلى هذا المعنى. وأما بيان الجنس، فمشهور في كتب المعربين، وقال به جماعة من المتقدمين والمتأخرين "وأنكره" "أكثره" المغاربة. ثم قال: وزيد في نفي وشبهه فجر... نكرة كما لباغٍ من مفر لزيادة "من" عند "جمهور" البصريين شرطان: الأول: أن يكون بعد نفي أو شبهه، وهو النهي والاستفهام. والثاني: أن يكون مجرورها نكرة. مثال النفي: {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} , والنهي: "لا يقم "من" أحد", والاستفهام: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} , ومثّل النهي بقوله: "ما لباغٍ من مفرّ". وأجاز بعض الكوفيين زيادتها بشرط تنكير مجرورها فقط "نحو": "قد كان من مطرٍ". وأجازها الأخفش والكسائي وهشام بلا شرط ووافقهم في التسهيل، قال في شرحه لثبوت السماع "بذلك" نثرا ونظما. تنبيهان: الأول: فائدة زيادة "من" تنصيص العموم, أو مجرد التوكيد. فالأول مع نكرة لا تختص بالنفي نحو: "ما في الدار من رجل". والثاني: مع نكرة مختصة به. "التنبيه" الثاني: لا إشكال في صحة زيادتها بعد جميع حروف النفي، وأما الاستفهام فلا يحفظ إلا مع "هل". قال في الارتشاف: وفي إلحاق الهمزة بها نظر، وصرح "بمنعه" بعد كيف ونحوها. ثم قال: للانتها حتى ولام وإلى....................... مثال حتى: {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} , ومثال إلى: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} , ومثال اللام: {سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ}. ودلالة اللام على الانتهاء قليل بخلاف حتى وإلى, "فإن دلالتهما على الانتهاء كثير", فإن قلت: أيهما أمكن في ذلك؟ قلت: إلى؛ لدخولها "فيما" لا تدخل فيه حتى، فإن المجرور بحتى يلزم بأن "يكون" آخر جزء, أو "ملاقي" آخر جزء بخلاف إلى. "لو" قلت: "سرت النهار حتى نصفه" لم يجز. ولو قلت: إلى نصفه لجاز، نص على ذلك الزمخشري والمغاربة, "ووافق" المصنف في شرح الكافية وخالف في "التسهيل وشرحه", فلم يشترط في مجرور حتى كونه آخر جزء "ولا ملاقي آخر جزء" واستدل بقوله: عينت ليلة فما زلت حتى... نصفِها راجيا فُعدت يئوسا وفيه نظر. "تنبيه": اختلف في المجرور بحتى فقيل: الانتهاء "به", "فيدخل" فيما قبلها إلا بقرينة، وإليه ذهب المغاربة. وذهب المصنف إلى أن الانتهاء قد يكون به فيدخل، وقد يكون عنده فلا يدخل، وزعم أن سيبويه والفراء أشارا إلى ذلك. وحكي عن ثعلب أن حتى للغاية, والغاية تدخل وتخرج. وقال في الإفصاح: وذهب المبرد وأبو بكر وأبو علي إلى أنه داخل. وقال الفراء والرماني: يدخل ما لم يكن غير جزء نحو: "إنه لينام الليل حتى الصباح". وصرح سيبويه بأن ما بعدها داخل ولا بد، ولكنه مثل بما هو بعض ما قبله واختلف أيضا في المجرور بإلى، والذي عليه أكثر المحققين أنه لا يدخل إلا بقرينة, وقال بعض النحاة: يدخل. ثم قال: ................. ومن وباء يُفهمان بدلا علامة ذلك أن يحسن في "موضعهما" بدل مثال "من" {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ} {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً}. ومثال "الباء": "لا يسرني بها حُمُرُ النعَم". وقول الشاعر: وليت لي بهم قوما إذا ركبوا............................... وقوله: "واللام للملك" نحو: "المال لزيد" وشبهه نحو: "أدوم لك ما تدوم لي", ويندرج فيه الاستحقاق؛ لأنه مثله في شرح الكافية بنحو: "السرج للفرس" هـ. "وجعله في التسهيل" مغاير الشبه للملك. "وفي تعدية أيضا" أي: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا}، و"تعليل" نحو: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} و"قُفي"، أي: تبع. وقوله: "وزيد" يعني اللام، ولا تزاد إلا مع مفعول به "لتعديه" إلى واحد. وزيادتها ضربان: قياسية: وهي أن تزاد "مقوية" لعامل "ضعيف" بالتأخير نحو: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}، أو بالفرعية نحو: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}. وغير قياسية: وهي في غير ذلك نحو: {رَدِفَ لَكُمْ} وقد أول على التضمين. وقوله: والظرفية استبن بما. نحو: "زيد بالبصرة" "وفي" نحو: "زيد في المسجد" وفي هي الأصل, وبها تعتبر باء الظرفية. وقوله: "يبينان السببا". قال في شرح التسهيل: باء السببية هي الداخلة على صالح للاستغناء به عن فاعل معداها "مجازا" نحو: {فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} فلو قصد إسناد الإخراج إلى الهاء لصح وحسن، لكنه مجاز. قال: ومنه "كتبت بالقلم" و"قطعت بالسكين", فإنه يقال: "كتب القلم" و"قطع السكين"، والنحويون يعبرون عن هذه الباء بباء الاستعانة، وآثرت على ذلك التعبير بالسببية من أجل الأفعال المنسوبة إلى الله تعالى. فإن استعمال السببية فيها يجوز، واستعمال الاستعانة "فيها" لا يجوز. قال: وباء التعليل هي التي يصلح غالبا في موضعها اللام كقوله تعالى: {إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ} , {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا} ا. هـ. وفيه اختصار. وكأن التعليل والسبب عند غيره واحد؛ "فلذلك" لم يذكر بالتعليل وإدراجه بالاستعانة في باء السببية مما انفرد به. واحترز بقوله: "غالبا" "من" قولهم: "غضبت لفلان" إذا غضبت من أجله وهو حي, وغضبت به إذا غضبت "من أجله" وهو ميت، ومثّل الشرح للسببية بقوله "تعالى": {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا} تبعا لشرح الكافية. ومثال "في" السببية: {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} وعبر عن هذا بالتعليل في الكافية والتسهيل. وقوله: "بالبا استعن" مثل بالاستعانة في شرح الكافية بقوله: "كتبت بالقلم" وتقدم إدراجه لذلك في السببية. "وعَدّ" نحو: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} , وباء التعدية هي القائمة مقام همزة النقل في إيصال الفعل اللازم إلى المفعول به. قال المصنف: وقد وُجدت في المتعدي نحو: "دفعت بعض الناس ببعض". "عَوِّض" باء العوض... هي الداخلة على الأثمان والأعواض نحو: "اشتريت الفرس بألف" و"كافأت الإحسان بضعف" وتسمى باء المقابلة كما "ذكر" في التسهيل. "ألصِقْ" الإلصاق هو معناها الأصلي، ولم يذكر "لها" سيبويه غيره. وقال المغاربة: الباء غير الزائدة لا تكون إلا للإلصاق حقيقة أو مجازا، فقد تتجرد لهذا المعنى، وقد "يدخلها" مع ذلك معنى آخر. ومن أمثلة الإلصاق: "وصلت هذا بهذا". "ومثل مع" نحو: {نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ}، وتسمى بالمصاحبة، وعلامتها أن "يحسن" في موضعها "مع" ويغني عنها, "و" عن مصحوبها الحال كقوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَق} أي: مع الحق "و" محقا. "ومِنْ" "يعني إلهي" للتبعيض نحو: {يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} قيل: وهو مذهب كوفي وذكره الفارسي في التذكرة، وتبعهم القتبي, وروى ذلك عن الأصمعي في قوله: شربن بماء البحر....................... قال في شرح التسهيل: والأحسن أن يضمن "شربن معنى: روين". "وعن" نحو: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ} {بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} , "أي: عن أيمانهم" كذا قال الأخفش, ومثله {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} وكونها بمعنى "عن" بعد السؤال منقول عن الكوفيين، وتأوله الشلوبين على أنها باء السببية, أي: فاسأل بسببه، وتأوله غيره على التضمين, أي: فاعتن أو أهتم به؛ لأن السؤال عن الشيء "اعتناء" به. وقوله: "على للاستعلا" هو أصل معانيها ولم يثبت لها كثير "من" البصريين غيره، وأولوا ما أوهم خلافه. "ومعنى في" يعني: الظرفية, نحو: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} "أي: في ملك" وأول على التضمين أي: تتقول. "وعن" أي: تكون للمجاوزة بمعنى "عن" كقوله: إذا رضيت عليَّ بنو قشير........................... أي: عني. قال في شرح التسهيل: وكذا الواقعة بعد خفي وتعذر واستحال وغضب، وأشباهها. قيل: وهو مذهب كوفي، وقال به القتبي، وتأوله غيرهم. وقوله: بعن تجاوزا عنى من قد فطن يعني: أن الأكثر في "عن" استعمالها للمجاوزة؛ ولذلك عدي "بها" صدر وأعرض ونحوهما. وقالوا: رويت عن فلان؛ لأن المروي "عنه مجاوز" لمن أخذ عنه. وقوله: وقد تجي موضع بعد...................... يعني: عن نحو: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} أي: بعد طبق. وعلى" أي: وقد تجيء عن موضع على نحو قوله: لاهِ ابن عمك لا أُفضلتَ في حَسَب... عني ولا أنت ديَّاني فتخزوني، "أي: عليَّ". وجعل المصنف منه قولهم: "بخل عنه" والأصل: عليه. وقوله: .............. كما على موضع عن قد جُعلا يعني: أن كل واحدة منهما "قد" وضعت موضع الأخرى، وتقدم تمثيله. وقال بعض النحويين: لو كانت لها معاني هذه الحروف, لجاز أن تقع حيث تقع هذه الحروف. قال: فوجب تأويل ما ذكروه, مما يخالف معنى المجاوزة. وقوله: "شَبِّهْ بكاف" هذا أشهر معاني الكاف. "وبها التعليل قد يُعنَى" نحو: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ}. قال في شرح الكافية: ودلالتها على التعليل "كثيرة". "وزائدا لتوكيد ورد" "يعني": نحو: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}. قيل: ويحتمل أن تكون "مثل" بمعنى صفة فلا تكون زائدة، و"مثل" قد يراد بها الصفة. وقوله: "واستُعمل اسما"؛ استعمالها اسما مخصوص "عند سيبويه" بالشعر نحو: ورحنا بكابن الماء يُجنَب وسطنا............................... وأجازه الأخفش في الاختيار، وإليه ذهب المصنف، وهو ظاهر كلام الفارسي, وشذ أبو جعفر بن مضاء فقال: إنها اسم أبدا؛ لأنها بمعنى مثل. وتأول بعضهم "ما ورد من دخول حرف الجر عليها" والإضافة والإسناد إليها على حذف الموصوف. وقوله: "وكذا عن وعلى" أما عن فتكون اسما إذا دخل عليها حرف جر، ولا تجر إلا بمِنْ كقوله: ................... مِنْ عَنْ يمين الحُبَيَّا نظرة قَبَل وندر جرها بعلى في قوله: على عن يميني مرت الطير سُنَّحا................................... قال بعضهم: وفي نحو: دع عنك نهبا صِيح في حجراته وأما "على" فذهب قوم منهم ابن طاهر وابن خروف والشلوبين إلى أنها اسم ولا تكون حرفا، وزعموا أن ذلك مذهب سيبويه، ومشهور مذهب البصريين أنها حرف جر وتكون اسما إذا دخل عليها "من" نحو: غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها............................ قال بعضهم: وفي نحو: هون عليك...................... وزعم الفراء ومن وافقه من الكوفيين أن "عن" و"على" إذا دخل عليهما "مِنْ" "بقيا" على حرفيتهما. وزعموا أن "من" تدخل على حروف الجر كلها سوى مذ واللام والباء "وفي". وقوله: .................. من أجل ذا عليهما من دخلا أي: من أجل ثبوت اسميتهما صح دخول حرف الجر عليهما، وخص "من" بالذكر لانفرادها بذلك، وتقدم جر عن بعلى. تنبيه: قال في شرح التسهيل: "عن" بعد دخول من بمعنى جانب، و"على" بمعنى فوق. قوله: "ومذ ومنذ" اعلم أن لمذ ومنذ ثلاث أحوال: "الأولى": أن يليهما اسم مفرد مرفوع نحو: "ما رأيته مذ يومُ الجمعة أو منذ يومانِ" وفي ذلك ثلاثة مذاهب: الأول: أنهما مبتدآن "والمرفوع خبر, وإليه ذهب المبرد وكثير من البصريين, والتقدير في المعرفة: أول انقطاع الرؤية يوم الجمعة, وفي النكرة: أمد انقطاع الرؤية يومان. الثاني: أنهما ظرفان في موضع الخبر" والمرفوع هو المبتدأ, والتقدير: بيني وبين لقائه يومان، وإليه ذهب الأخفش وطائفة من البصريين. والثالث: أن المرفوع بعدهما فاعل بفعل مقدر، أي: منذ مضى يوم الجمعة "أو يومان", وهما ظرفان مضافان إلى الجملة، وإليه ذهب محققو أهل الكوفة, واختاره السهيلي والمصنف في التسهيل. "الحالة الثانية": أن يليهما جملة, والكثير كونها فعلية نحو: ما زال مذ عقدت يداه إزاره.............................. وقد تكون اسمية كقوله: ..................... مذ أنا يافع وفي ذلك مذهبان: أحدهما: أن "مذ ومنذ" ظرفان مضافان إلى الجملة وهو المختار، وصرح به سيبويه. والثاني: أنهما مبتدآن ونقدر اسم زمان محذوفا يكون خبرا عنهما، والتقدير: مذ زمان عقدت ومذ زمان أنا يافع، وهو مذهب الأخفش، فلا يكونان عنده إلا مبتدأين، واختاره ابن عصفور. "الحالة" الثالثة: أن يليهما اسم مجرور كقوله: ........................ ورسمٍ عفت آياته منذ أزمان وفي ذلك مذهبان: أحدهما: أنهما حرفا جر، وإليه ذهب الجمهور وهو الصحيح. والآخر: أنهما ظرفان منصوبان بالفعل قبلهما. وقد أشار في النظم إلى الأحوال الثلاث. فإن قلت: لا تؤخذ أحكامهما من عبارته. قلت: أما الأولى فالمفهوم من قوله: "رفعا" أنهما مبتدآن؛ لأنهما لا يرفعان ما بعدهما إلا إذا جعل خبرهما؛ لأن المبتدأ رافع الخبر على الأصح. وأما الثانية "فتفهم" من ظاهر قوله: "أو أُوليا الفعل". "أنهما" ظرفان مضافان إلى الجملة؛ لأن من جعلهما في ذلك مبتدأين وقدّر بعدهما زمانا هو الخبر فلم يولهما الفعل إلا لفظا. وأما الثالثة: فقد "عدهما" "مع" حروف الجر فيما تقدم. والحاصل: أنهما قبل المرفوع مبتدآن، وقبل الفعل ظرفان، وقبل المجرور حرفان، والمختار في التسهيل. فإن قلت: لو قال: "أو أوليا الجملة" نحو: "مذ دعا", "لأجاد" لتندرج "الجملة" الاسمية. قلت: هو كذلك والعذر له في الاقتصار على الفعل أنه "الكثير". فإن قلت: شرط "في" المرفوع بعدهما والمجرور بهما أن يكون اسم زمان ولم ينبه عليه. قلت: بل نص عليه أول الباب. ثم أشار إلى "معناهما" بقوله: وإن يجرا في مُضِيّ فكمِنْ... هما وفي الحضور معنى في استبن يعني: أنهما لابتداء الغاية إن جرا ماضيا نحو: "ما رأيته مذ يوم الجمعة", وللظرفية إن جرا حاضرا نحو: "ما رأيته مذ يومنا". وزاد في التسهيل: أنهما يكونان بمعنى "من" و"إلى" معا. هـ فيدلان على الابتداء والانتهاء، وضابط ذلك: أنهما إن دخلا على ماضٍ معرفة فهما بمعنى "من", أو على حاضر معرفة فهما بمعنى "في", أو على نكرة فهما بمعنى "من إلى", ومعا "نحو" ما رأيته "مذ" أربعة أيام. وقوله: وبعد من وعن وباء زيد ما. مثال زيادتها بعد "من": "مِمَّا خطاياهم" وبعد عن: {عَمَّا قَلِيلٍ} , وبعد الباء: {فَبِمَا رَحْمَةٍ}. وقوله: فلم يَعُق عن عمل قد عُلما. يعني: أن "ما" لم تكفها عن الجر كما في الآيات. وذكر في التسهيل أن "ما" قد تكف الباء وتحدث فيها معنى التعليل كقوله: ...................... لبما قد تُرى وأنت خطيب وقال في الكافية: وقد ترد الباء ما كربما ا. هـ. ونُوزِع في ذلك. وقوله: وزِيدَ بعد رُبَّ والكاف فكف... وقد تليهما وجر لم يكف يعني: أن "ما" تزاد بعد رب والكاف, كافة وغير كافة. مثالها كافة: {رُبَمَا يَوَدُّ}، وقول الشاعر: لعمرك إنني وأبا حميد... كما النشوانُ والرجل الحليم وأجاز ابن يسعون كون "ما" في {رُبَّمَا يَوَدُّ} نكرة موصوفة. أي: "ربة" -ود يود- وأجاز غيره في البيت كون "ما" مصدرية على مذهب من أجاز وصلها "بالجملة الاسمية". ومثالها غير كافة: ربما ضربةٍ بسيف صقيل وقول الآخر: ................ كما الناسِ مجروم عليه وجارم بجر ضربة والناس. فإن قلت: ما الأغلب على "ما" بعد "رب والكاف"؟ قلت: يفهم من قوله: "وقد" أن الكف هو "الأغلب" وصرح به في الكافية. وقوله: وحُذفت رب فجرت بعد بل... والفا وبعد الواو شاع ذا العمل "مثال ذلك" بعد "بل" قول رؤبة: بل بلدٍ ملء الفجاج قتمه........................... وبعد الفاء قوله: فحورٍ قد لهوت بهن عين........................ وبعد الواو قوله: وليلٍ كموج البحر أرخى سدوله... عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي وقد تجر محذوفة دونهن كقوله: رسم دار وقفت في طلله... كدت أقضي الحياة من جَلَله وفي التسهيل: يجر برب محذوفة بعد الفاء كثيرا، وبعد الواو أكثر، وبعد بل قليلا, ومع التجرد أقل. هـ. ونوزع في كونه كثيرا بعد الفاء, إلا إن أراد بالنسبة إلى بل، وليس الجر بالفاء "وبل". قال في التسهيل: باتفاق هـ، وحكى ابن عصفور الاتفاق، وفي الارتشاف: وزعم بعض النحويين أن الخفض هو بالفاء "وبل"؛ لنيابتهما مناب رب هـ. وأما الواو فذهب المبرد والكوفيون إلى أن الجر بها، والصحيح أنه برب المضمرة وهو مذهب البصريين. وقوله: وقد يُجر بسوى رُبَّ لدى... حذف وبعضه يرى مطردا الجر بسوى "رب" محذوفا, ضربان: مطرد وغير مطرد. فالمطرد في مواضع: الأول: لفظ الجلالة في القسم دون عوض. الثاني: المعطوف على خبر ليس وما الصالح لدخول الباء نحو: "قوله": بدا لي أني لست مدرك ما مضى... ولا سابقٍ شيئا إذا كان جائيا الثالث: "بعد" ألا نحو: ألا رجلٍ جزاه الله خيرا......................... يريد: ألا من رجل. الرابع: بعد "كم" الاستفهامية إذا جرت بالحرف نحو: "بكم دراهم "اشتريت ثوبك"؟" خلافا للزجاج في قوله: إن الجر بإضافتها. الخامس: في جواب ما تضمن "مثل" المحذوف نحو: زيد، في جواب: بمن مررت؟ السادس: في المعطوف على ما تضمنه بحرف متصل، نحو: ...................... وللطير مجرى والجَنوب مصارع السابع: في المعطوف على ما تضمنه بحرف منفصل بلا، نحو: ما لمحب جلد أن يهجرا... ولا حبيبٍ رأفة فيجبُرا الثامن: في المعطوف على ما تضمنه بحرف منفصل بلو. ذكر أبو الحسن في المسائل أنه يقال: جيء بزيد أو عمرو ولو "أحدهما"؛ لأن المعتاد أن يكون ما بعد لو أدنى. التاسع: في المقرون بالهمزة بعد ما تضمنه نحو: "مررت بزيد", فتقول "أزيد بن عمرو؟" حكاه الأخفش في المسائل. العاشر: في المقرون بعد ما تضمنه "كأن" يقال: "جئت بدرهم" فتقول: "فهلا دينارٍ". قال الأخفش: وهذا أكثر. الحادي عشر: في المقرون بإن بعد ما تضمنه، نحو: "امرر بأيهم هو أفضل إن زيدٍ وإن عمرٍو". وأجازه يونس, وجعل سيبويه إضمار الباء بعد إِنْ؛ لتضمن ما قبلها إياها أسهل من إضمار رب بعد الواو, فعلم بذلك اطراده. الثاني عشر: في المقرون بفاء الجزاء بعد ما تضمنه, حكى يونس: "مررت برجل صالح إن لا صالحٍ فطالحٍ" على تقدير: إن لا أمرر بصالح فقد مررت بطالح. "فجميع" هذه المواضع مطرد يقاس "عليه" عند المصنف. والذي "قرره" المغاربة، أنه لا يجوز حذف حرف الجر وإبقاء عمله إلا في "باب" القسم، وفي باب كم على خلاف. وأما غير المطرد "فسمع" منه أبيات. منها قول الشاعر: إذا قيل أي الناس شر قبيلة... أشارت كليب بالأكف الأصابع قال في التسهيل: ولا خلاف في شذوذ بقاء الجر في نحو: أشارت كليبٍ بالأكف الأصابع
|